ها أنت كما أراك الآن أمام عيني. تلك الغزالة البرية ، تنطلق في ربوع واد معشوشب. سبحان الله فكأن الزهور اختارت أن تلتقي في هذا المكان لتحوطك بكل بهاء ودلال.
إني أراك تمرحين غير عابئة بأحد، تنطلقين بحرية وعفوية كطفلة في عامها السادس، وقد بدأت تداعبين هذه الوردة الحمراء بكفيك النديتين. بالله عليك هل تكوّن الندى من بطن كفيك، أم الندى هو الذي أبدعهما!
كان يوماً لن أنساه، في ساعة أكاد أحفظ دقائقها وثوانيها. في تلك الحديقة المزدانة بأجمل ألوان ورود الأرض. أناس في كل جزء ومن كل عمر ولون، ولكن القدر شاء أن تختاريني من بينهم. ما الذي لفت انتباهك إليّ؟ هدوئي؟ طيبتي؟ عبثي؟ وما أدراك بكل هذا ولم تنطق شفاهنا بعد؟
قطفتِ وردة حمراء ازدادت حمرة خجلاً من أناملك التي حنت عليها، يا لهذا الحنان الذي لم يدع شيئاً إلا وضمه إلى مملكتك! كيف سترسلين بهذه الوردة إليّ، والعيون قد تلحظك وأنت تديمين النظرإليّ؟ ولكني لا أعلم عن الأمر شيئاً. كنت غارقاً في مشاكل الحياة اليومية، مهموماً أبدو ومتعباً.
من رسولك إليّ؟ ما الذي جعلك تثقين بتلك الطفلة كي تكون رسولاً بيننا؟ ألم يدر بخلدك أن تأخذ الوردة وتذهب بها بعيداً، أو تلقي بها في قارعة الطريق لتدهسها مئات الأقدام، بعد أن شرفت بملمس يدك الدافئة.
لم ألاحظ تلك اليد الرقيقة التي كانت تربت على كتفي اليمنى. التفت لأجد وردة حمراء بيد طفلة في عمر الورود. قالت: عمي، وأشارت إليكِ. لم أدر هل آخذ الوردة أم أبحث عن صاحبتها، وما أدراني من صاحبتها. أخذت الوردة وقبلت الطفلة على رأسها، فأخذت تقفز وتجري فاردة ذراعيها في الهواء، وكأنها أنهت مهمتها.
هناك بعيداً عني رأيتك تنظرين إليّ بجرأة عجيبة، وقد جلستِ على أحد المقاعد واضعة رأسك على كفيك، وقد أسندتهما إلى ركبتيك.
أخذت أشم الوردة ناظراً إليك، متعجباً من تحديقك بي، مستمتعاً بالرائحة الذكية التي لم أعهدها من الورود. لا بد وأن عبقاً من عبيرك الطيب قد خالط رائحتها، فشعرت بك تهمسين في أذني: حبيبي.
إنها المرة الأولى التي يهديني فيها أحد وردة، فكيف بي وصاحبتها أجمل من كل ورود الأرض؟! كنت مندهشاً من هذا الموقف العجيب، وفي الوقت نفسه أشعر بشيء لا يوصف، وكأني دخلت الجنة وتنتظرني الحور العين في الخيمة.
كأني بك بعد أن أحدقت بك كثيراً قد انتابك الخجل، فأطرقت برأسك نحو الأرض، لتنظري إلى باقة من الورود، تنظر إليك وترجوك أن تقطفيها، وكأنها تعلم أنك تبعثين فيها حياة جديدة لم تعهدها.
بقيتِ على ذلك الوضع دقائق، خلالها كنت قد عزمت التقدم نحوك، قاصداً محادثتك وسماع صوتك الندي. كل ما فيك ندي يا حبيبتي، ومع كل خطوة أقترب فيها منك، يزداد قلبي خفقاناً، وترتعش يداي، وأشعر بنفسي طائراًفي ملكوت الله. يا لله من هذا الإحساس الذي انتابني، فكأني مقدم على امتحان يحدد مصيري في هذه الدنيا.
تبدأ الآن مرحلة مهمة في حياتي ولها أثر عظيم في كياني، سأحادث فتاة لأول مرة. يا ترى كيف سأبدأ الحوار؟ هل أبدأ بالسلام والتحايا المعتادة؟ ولكن هل يمكن أن أكون مخطئاً في كل ما أحس به؟ لعلها لم تكن تنظر إليّ طوال تلك المدة، بل إلى شخص خلفي أو أمامي.
لا أدري فالموقف لا يتحمل كل هذه الفرضيات. ولكني خائف جداً ولا أعرف ما أقول.حتى السلام ربما لن يخرج من فمي، أشعر بأني خلقت دون لسان، فكيف أبدأ وماذا أقول؟ إنه موقف صعب جداً لم أكن لأتخيله، وها أنا الآن وقد وضعت أمام الأمر الواقع، فلا بد أن أتصرف بطريقة ما، خاطئة كانت أم صائبة.
أصبحت على مسافة قريبة منها للغاية. أجمعت كل شجاعتي التي تبددت في الطريق، وبادرتها بالسلام بصوت خافت، فضحكت ضحكة خافتة وأطرقت بوجهها خجلاً. لم أتمالك نفسي من الحياء، فوجهت بصري إلى الأرض ثم أخذت بالتقهقر إلى حيث أتيت.
ما هذا الذي فعلته؟ أهكذا يكون أول لقاء بينكما؟ حقاً إنك شخص جبان وضعيف، لقد كانت الفرصة أمامك لتحادثها وتنعم بحديثها. ولكني لم أستطع أن أزيد كلمة على ما قلت، فقد كنت في موقف لا أحسد عليه.
أخذت أفكر فيما حدث قبل دقائق، وأنا أنظر إليها وهي جالسة على ذلك المقعد. أمعنت النظر إلى تقاسيم وجهها فوجدتها منشغلة بالنظر إلى جمع من الأطفال يلعبون. كنت أرى الفرحة والبهجة على محياها، وعندما يسقط أحد الأطفال تكاد تقفز من مكانها لتعينه.
لماذا لا أعيد المحاولة؟ ولكني لا أجدها مهتمة بي ولا تناظرني. هل كنت واهماً في كل ما تخيلته؟ نعم إنها خيالات لا أساس لها من الواقع، لعلها تفاجأت بي وأنا أسلم عليها، فضحكت للموقف الذي كنت فيه. مهما يكن فإني على يقين بأنها كانت تقصدني من البداية.
إني أراك تمرحين غير عابئة بأحد، تنطلقين بحرية وعفوية كطفلة في عامها السادس، وقد بدأت تداعبين هذه الوردة الحمراء بكفيك النديتين. بالله عليك هل تكوّن الندى من بطن كفيك، أم الندى هو الذي أبدعهما!
كان يوماً لن أنساه، في ساعة أكاد أحفظ دقائقها وثوانيها. في تلك الحديقة المزدانة بأجمل ألوان ورود الأرض. أناس في كل جزء ومن كل عمر ولون، ولكن القدر شاء أن تختاريني من بينهم. ما الذي لفت انتباهك إليّ؟ هدوئي؟ طيبتي؟ عبثي؟ وما أدراك بكل هذا ولم تنطق شفاهنا بعد؟
قطفتِ وردة حمراء ازدادت حمرة خجلاً من أناملك التي حنت عليها، يا لهذا الحنان الذي لم يدع شيئاً إلا وضمه إلى مملكتك! كيف سترسلين بهذه الوردة إليّ، والعيون قد تلحظك وأنت تديمين النظرإليّ؟ ولكني لا أعلم عن الأمر شيئاً. كنت غارقاً في مشاكل الحياة اليومية، مهموماً أبدو ومتعباً.
من رسولك إليّ؟ ما الذي جعلك تثقين بتلك الطفلة كي تكون رسولاً بيننا؟ ألم يدر بخلدك أن تأخذ الوردة وتذهب بها بعيداً، أو تلقي بها في قارعة الطريق لتدهسها مئات الأقدام، بعد أن شرفت بملمس يدك الدافئة.
لم ألاحظ تلك اليد الرقيقة التي كانت تربت على كتفي اليمنى. التفت لأجد وردة حمراء بيد طفلة في عمر الورود. قالت: عمي، وأشارت إليكِ. لم أدر هل آخذ الوردة أم أبحث عن صاحبتها، وما أدراني من صاحبتها. أخذت الوردة وقبلت الطفلة على رأسها، فأخذت تقفز وتجري فاردة ذراعيها في الهواء، وكأنها أنهت مهمتها.
هناك بعيداً عني رأيتك تنظرين إليّ بجرأة عجيبة، وقد جلستِ على أحد المقاعد واضعة رأسك على كفيك، وقد أسندتهما إلى ركبتيك.
أخذت أشم الوردة ناظراً إليك، متعجباً من تحديقك بي، مستمتعاً بالرائحة الذكية التي لم أعهدها من الورود. لا بد وأن عبقاً من عبيرك الطيب قد خالط رائحتها، فشعرت بك تهمسين في أذني: حبيبي.
إنها المرة الأولى التي يهديني فيها أحد وردة، فكيف بي وصاحبتها أجمل من كل ورود الأرض؟! كنت مندهشاً من هذا الموقف العجيب، وفي الوقت نفسه أشعر بشيء لا يوصف، وكأني دخلت الجنة وتنتظرني الحور العين في الخيمة.
كأني بك بعد أن أحدقت بك كثيراً قد انتابك الخجل، فأطرقت برأسك نحو الأرض، لتنظري إلى باقة من الورود، تنظر إليك وترجوك أن تقطفيها، وكأنها تعلم أنك تبعثين فيها حياة جديدة لم تعهدها.
بقيتِ على ذلك الوضع دقائق، خلالها كنت قد عزمت التقدم نحوك، قاصداً محادثتك وسماع صوتك الندي. كل ما فيك ندي يا حبيبتي، ومع كل خطوة أقترب فيها منك، يزداد قلبي خفقاناً، وترتعش يداي، وأشعر بنفسي طائراًفي ملكوت الله. يا لله من هذا الإحساس الذي انتابني، فكأني مقدم على امتحان يحدد مصيري في هذه الدنيا.
تبدأ الآن مرحلة مهمة في حياتي ولها أثر عظيم في كياني، سأحادث فتاة لأول مرة. يا ترى كيف سأبدأ الحوار؟ هل أبدأ بالسلام والتحايا المعتادة؟ ولكن هل يمكن أن أكون مخطئاً في كل ما أحس به؟ لعلها لم تكن تنظر إليّ طوال تلك المدة، بل إلى شخص خلفي أو أمامي.
لا أدري فالموقف لا يتحمل كل هذه الفرضيات. ولكني خائف جداً ولا أعرف ما أقول.حتى السلام ربما لن يخرج من فمي، أشعر بأني خلقت دون لسان، فكيف أبدأ وماذا أقول؟ إنه موقف صعب جداً لم أكن لأتخيله، وها أنا الآن وقد وضعت أمام الأمر الواقع، فلا بد أن أتصرف بطريقة ما، خاطئة كانت أم صائبة.
أصبحت على مسافة قريبة منها للغاية. أجمعت كل شجاعتي التي تبددت في الطريق، وبادرتها بالسلام بصوت خافت، فضحكت ضحكة خافتة وأطرقت بوجهها خجلاً. لم أتمالك نفسي من الحياء، فوجهت بصري إلى الأرض ثم أخذت بالتقهقر إلى حيث أتيت.
ما هذا الذي فعلته؟ أهكذا يكون أول لقاء بينكما؟ حقاً إنك شخص جبان وضعيف، لقد كانت الفرصة أمامك لتحادثها وتنعم بحديثها. ولكني لم أستطع أن أزيد كلمة على ما قلت، فقد كنت في موقف لا أحسد عليه.
أخذت أفكر فيما حدث قبل دقائق، وأنا أنظر إليها وهي جالسة على ذلك المقعد. أمعنت النظر إلى تقاسيم وجهها فوجدتها منشغلة بالنظر إلى جمع من الأطفال يلعبون. كنت أرى الفرحة والبهجة على محياها، وعندما يسقط أحد الأطفال تكاد تقفز من مكانها لتعينه.
لماذا لا أعيد المحاولة؟ ولكني لا أجدها مهتمة بي ولا تناظرني. هل كنت واهماً في كل ما تخيلته؟ نعم إنها خيالات لا أساس لها من الواقع، لعلها تفاجأت بي وأنا أسلم عليها، فضحكت للموقف الذي كنت فيه. مهما يكن فإني على يقين بأنها كانت تقصدني من البداية.
تعليق