الحمدّ لله ربّ العالمين، الذي أرشدنا إلى طاعته وزجرنا عن معصيته، يا ربّ لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنبا إلا غفرته ولا دَينا إلا قضيته ولا مريضا إلا شفيته ولا غائبا موحدا إلا رددته سالما برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إشرح صدورنا واطرد الشيطان من بيننا واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ سيدنا محمدا عبده ورسوله، الله صلّ وسلم وبارك على محمد صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد، فإني أوصي نفسي وأوصيكم بتقوى الله العلي العظيم، إتقوا الله حقّ تقاته، إتقوا الله بأداء الفرائض وإجتناب الحرام واسمعوا معي فإننا اليوم على موعد مع الحديث عن أنبياء الله إبراهيم وإسماعيل و هذه الخطبة عنوانها " الله خالق الأسباب و المسببات"، يعني أن النار لا تخلق الإحراق وإنما خالق الإحراق فيها إذا أحرقت هو الله لذا فالنّار لم تحرق إبراهيم ولو كانت تخلق الإحراق لمات إبراهيم حرقا لكن النّار سبب وخالق الإحراق فيها إذا أحرقت هو الله خالق كل شىء ربنا قال: {أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}.
ربنا خلق العالم بأسره العلوي والسفلي والعرش والكرسي والسموات والأرض وما فيهما وما بينهما جميع الخلائق مقهورون بقدرته لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، قل الله خالق كل شىء خلق الخير والشر فالعالم له ءاله واحد وخالق واحد هو الله خلق الخير وخلق الشر لكن لا يحب الشر ولا يأمر به، فربنا قال إن الله لا يأمر بالفحشاء إذا بما أنّ الله هو خالق كل شىء خلق الخير والشر لذا قلنا إنّ الأسباب العادية كالنّار والسكين والماء والدواء والطعام والخبز هذه الأسباب العادية لا تخلق ما يحدث عنها إنما الخالق هو الله، ومن هذا المنطلق بيّنا لكم أنّ النار لا تخلق الإحراق لذا لم تحرق إبراهيم وإنما خالق الإحراق فيها إذا أحرقت هو الله ومن هنا نقول أيضا أن السكين لا تخلق القطع، السكين سبب وخالق القطع فيها إذا قطعت هو الله، وهنا نبدأ بسرد ما حصل بين الأب وولده.
رأى سيدنا إبراهيم عليه السلام مناما أمر بذبح ولده ورؤيا الأنبياء وحي، رؤيا الأنبياء حق فعرف إبراهيم من الرؤيا أنه مأمور بذبح ولده فلذة كبده وكان إسماعيل قد بلغ السعي، قيل أنه كان ابن ثلاث عشرة عاما، صار بسن يعين أباه، هو إسماعيل الذبيح، وهنا أراد الأب، ومن هو الأب؟ هو الخليل إبراهيم عليه أفضل الصلاة وعلى نبينا وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، نبي رسول، خليل الرحمن إبراهيم يقول لولده يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى سمع الولد من أبيه، سمع الولد من أبيه أي موقف هذا! أب يبلغ ولده الأول أب يبلغ بكره أنني مأمور بذبحك، يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك أي أمرت بذبحك، فانظر ماذا ترى وهنا لا يستشيره بأمر الله لا، إنما أراد أن يسمع ما عند الولد لذلك قال فانظر ماذا ترى، ماذا كان جواب الولد؟ قال يا أبت افعل ما تؤمر إذبحني نفّذ الأمر الإلهي يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، لأن كل شىء بمشيئة الله، ستجدني إن شاء الله من الصابرين على البلاء، قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فأخذ على ما ذُكر في كتب التفسير أخذ الخليل إبراهيم رباطا وسكينا فإذا وصل بين الجبال قال له الولد يا أبي أشدد رباطي حتى لا أضطرب أي موقف يريد الأب ذبح ولده يريد تنفيذ الأمر الإلهي: يقول الولد لأبيه يا أبي إشدد الرباط علي حتى لا اضطرب واكفف ثوبك عني حتى لا يتطلخ من دمي عليه فتراه أمي عليه فتحزن وليكن وضع السكين لمرة واحدة حتى يكون أهون للموت علي فإذا ذبحتني فأت أمي وأقرأ عليها السلام مني، فبكي إبراهيم وقبّله وقال نعم الولد، نعم العون أنت على أمر الله، طرح إسماعيل على جبينه فوضع إبراهيم السكين وحكها فلم تقطع السكين ثم سمع صوتا يقول له أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أي نفذت ما أمرت به فنظر فإذا بجبريل ينزل بكبش من الجنّة كان رعى في الجنّة قبل ذلك أربعين عاما وافتدى به ومن هنا كانت الأضاحي إحياء لسنة النبي، هذه قصة إبراهيم وإسماعيل بإيجاز، ما نريد أن تحفظوه منها أن السكين لا تخلق القطع، لو كانت السكين تخلق القطع لقطعت رقبة إسماعيل لكنّ السكين سبب و ما يحدث عنها بخلق الله سبحانه وتعالى، هذا ما نريد أن تحفظوه وأن تعلموه غيركم.
أقول قولى هذا واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم.
الحمدّ لله ربّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى ءاله وصحبه الطيبين وأتباعهم وأتباع الأتباع ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم صلّ على محمد صلاة تحلّ بها عقدتنا وتفرج بها كربتنا وتقضي بها حوائجنا وسلم يا ربنا تسليما كثيرا، عباد الله أوصي نفسي وأوصيكم بتقوى الله إتقوا الله ولا تنسوا الموت ولا تنسوا الحساب ولا تنسوا العقاب والعذاب وتذكروا أنّ عليا رضي الله عنه قال: "إرتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، اليوم العمل ولا حساب وغدا الجزاء ولا عمل واعلموا أنّ ربنا سبحانه وتعالى يقول: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}، واعلموا أنّ الله أمركم بأمر عظيم أمركم بالصلاة على النبي المصطفى الكريم فقال ربنا وهو أصدق القائلين:{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
اخوكم الصغيرون
:59: صــ جرو وح ــاحب :59:
تعليق